سلطنة تقرت هي دولة كانت موجودة في تقرت وواحات منطقتها وضفاف وادي ريغ بين عامي 1414 و1881.[1] حكمها سلاطين سلالة بني جلاب.[2] إمتدت حدودها خلال القرن السادس عشرة على طول مسيرة ثلاثة أيام أو أربعة(120 كم الى 200 كم).[3]
التاريخ
التأسيس
كانت مدينة تقرت خاضعة للدولة الحفصية، لكنها كانت تتمرد خلال فترات الاضطراب التي كانت تسود الدولة وتمتنع عن دفع الجباية، ومنها ما قام به يوسف بن حسين خلال عهد السلطان الحفصي أبي عمرو عثمان (1435 – 1488م)، فخرج السلطان لإخضاعها مرتان سنة 1449 م و1465م.[3]
لا يوجد تاريخ محدد لتأسيس الامارة،[3] ويختلف المؤرخون حوله، يُرجع العدواني تاريخ التأسيس إلى سنة 735هـ ( 1334-1335م) بحكم أول سلطان جلابي لتقرت، أما عبد الرحمان الجيلالي فيحدده بـ 1450م في كتابه تاريخ الجزائر، ويحدده محمد الطاهر بن دومة بسنة 1531م في مخطوطته، ويحدد عبد الحميد نجاح بسنة 1414م في كتابه «منطقة ورقلة وتقرت من مقاومة الاحتلال إلى 1445 م» ، ويحدده شارل فيرو بسنة 1445م في كتابه «صحراء قسنطينة» وقد أرجعه محمد الطاهر عبد الجواد في مداخلته «عاصمة وادي ريغ (تقرت) أيام بني جلاب» بالملتقى التاريخي الثالث حول فترة حكم بني جلاب بتقرت إلى سنة 1414م.[4] كانت المنطقة في الفترة الممتدة ما بين 1414م و1570م لا تزال خاضعة لنفوذ الدولة الحفصية، كما أن ابن خلدون لم يُشر إليها أو لوجود حكم جلابي بتاتًا رغم أنه عاصر هذه الفترة.[4]
ويعود تأسيسها حسب بعض المؤرخين إلى سليمان الجلاب (سليمان بن رجب المريني الزناتي الجلابي[4]) الذي نُسب إلى بني مرين حكام المغرب الأقصى وقد كان معتادًا الحج سنويًا مرورا بطريق تقرت، فدعاه أهلها للاستقرار بها نحو نهاية القرن الخامس عشر.[3] وقد ذكر المؤرخ التونسي الحاج حمودة بن عبد العزيز بني جلاب قائلًا:«وبنو جلاب هولا روساء تقرت وامراها من القديم وهم من البقايا من بني مرين وحكمهم نافع في بلد ريغ»[5]:167
ويذكر الجنرال دوما (Dumas) في كتابه عن «صحراء الجزائر» والذي كتبه في مدينة الجزائر بناءً على رواية لبدو رحل، أن العشائر المحلية بعدما تعبت من التنافس فيما بينها قررت أن أول من يدخل بلدة تقرت سوف يُعترف به زعيمًا. فكان أول من وضع قدمه في المدينة راعي بسيط (باللهجة العربية المحلية: جَلاّب).[5]:168
توجب على «الشيخ» سليمان الجلاب أن يتعامل مع العائلة الإقطاعية في دواودة، التي تقود عرب الريح وهي القبائل البدوية التي تسيطر على سهل الزيبان في ورقلة. فيتزوج زعيم هذه القبيلة، بن صخري، الذي يحمل لقب «شيخ العرب»، ابنة سليمان الجلابي، الذي كان حينها سيدًا على تقرت.[6]
بعدما وقعت منطقة تقرت في حالة من الفوضى، حتى الأسواق - أماكن التجارة والتبادل السلمي تقليديًا - لم تسلم من المواجهة بين أعضاء الواحات والقبائل المختلفة. دعى سليمان الجلابي، الذي يعرف أغوار السياسية المحلية وموارد البلاد، من حوله الرجال الأكثر شعبية في البلاد (المرابطون ورؤساء الواحات، وما إلى ذلك) لوضع حد للفوضى وإقامة النظام في المنطقة. وبشعوره بالقوة الكافية إلى درجة الحفاظ على الهياكل السياسية المحلية، بما في ذلك مجلس (الجمعة) الذي يمكن أن يعين فيه أعضاء. يجهز على نفقته دائرةً من خمسمائة فارس والتي ستكون نواة جيشه. وبالتالي صار يتجول في المناطق المحيطة لمعاقبة المتمردين، واستعادة السلام وفرض الضريبة.[5]:175-177
العلاقة مع الدولة العثمانية
منذ القرن السادس عشر، كان على سلطنة تقرت مواجهة هيمنة الوصاية الجزائرية.
شهدت العلاقات مع السلطة العثمانية في عهد صلاح رايس، بايبايلك الجزائر توترًا بسبب تمرد الإمارة على رفض التبعية وعدم دفع الضرائب للسلطة، كما دفع بعد مقر سلطنة بني جلاب عن مركز السلطة وارتفاع تكاليف الحملات العسكرية، الدولة العثمانية إلى إرسال أربع حملات عسكرية تأديبية على فترات متباعدة، أي بمعدل حملة واحدة لكل قرن من الزمن. وأهم الحملات العثمانية التأديبية ضد إمارة بني جلاب هي:[4]