صحراء حِسْمَى أو حِسْمى جُذام هي صحراء رملية تتخللها هضاب وجبال من الحجر الرملي في الجزيرة العربية. يحدها من الشمال جبال الشراة ومن الشمال الغربي وادي عربة ومن الغرب جبال الحجاز ومن الجنوب حرة الرحا، يوجد اختلاف بتحديد حدودها، وأحيانا تعتبر اسماً لكل الصحراء إلى الشرق من خليج العقبة إلى النفود، وأحيانا يقتصر ذلك إلى غرب تبوك.[1] وهي ذات مناخ قاري حار صيفاً وبارد شتاءاً. تعتبر الصحراء مكاناً مهماً في التاريخ البشري لكونها موطن الأنباط وقبائل عربية أخرى تركت نقوشاً بلهجة عربيّة قبل نبطيّة تعرف باللهجة الحسمائية[2] كتبت بالحرف المسمى بالحرف الحسمائي، وهو شكل من أشكال الخط العربي، وعرف أولاً في هذه المنطقة.[3] وأرض «حسمى»، أرض خصبة كثيرة المياه. وكانت من المناطق المعمورة، وبها آثار كثيرة ومن جبالها جبل يعرف بـ «إرم»، ويرى بعض المستشرقين أن لهذا الجبل علاقة بموضوع «إرم» الوارد ذكره في القرآن وفي كتب قصص الأنبياء والتواريخ.[4]
التسمية
يخبر ياقوت الحموي بأن لفظ حِسْمَى يجوز أن يكون أصله من الحسم وهو المنع والقطع، وربما جاء الاسم لوجود الصحراء بين الصحراء الداخلية للجزيرةوجبال الحجاز. واختلف الجغرافيون[5] في أنها من الحجاز أو بادية الشام، ولعلها آخر الحجاز للحديث الذي يضع أول الشام بقريتي أذرح والجرباء اللتان تقعا بآخر جبال الشراة وتطلان على حسمى.
يرد الاسم ببعض المصادر التاريخية مرتبطاً بقبيلة جذام، فيقال حسمى جذام.[6]
الخواص الجغرافية
هي عبارة عن امتداد رملي ضيق يتراوح عرضه ما بين 40 و 80 كم، ويمتد على شكل قوس من الشمال إلى الجنوب من حدود الأردن مع المملكة العربية السعودية على ارتفاع 1.800 مترًا حتى ارتفاع 700 مترًا. في الجزء الشمالي منها، تقع هضبة حسمى التي يكون أغلبها في الأردن. وتتكون جبال هذه الصحراء من الحجر الرملي الكمبري والأردوفيشي. بينما أعلى قمة جبلية فيها هي قمة جبل أم الدامي بارتفاع 1,854م. ومن أشهر الموقع بها وادي رم، ووادي اليتم، ووادي بطن الغول، ووادي زيتة.
من ناحية الجغرافية الحيوية، تتأثر صحراء حسمى بالإقليم السوداني بمعدل سنوي لهطول الأمطار يترواح ما بين 50-100 ملم. معدل الحرارة الدنيا بين 10-20 درجة مئوية ومعدل الحرارة العليا بين 20-35 درجة مئوية. تربتها من الطمي، مالحة وجرانيتية.[7]
الحياة البرية
بسبب طبيعة المنطقة الصحراوية، تقتصر الحياة البرية فيها على النباتات والحيوانات المتأقلمة مع الحياة الصحراوية. ويمكن تقسيم الحياة البرية في صحراء حسمى إلى النباتات والثديات والطيور والزواحف:
ألا قد أرى إلا بثينة للقلب بوادي بدا لا «بحسمى» ولا الشعب
وروي عن المتنبي بأنه مر بها برحلته من مصر إلى العراق وقال عنها:[12][13] حسمى أرض طيبة تؤدي إلى (لين النخلة) من لينها، وتنبت جميع النبات، مملوءة جبالا في كبد السماء، متناوحة ملس الجوانب، إذا أراد الناظر النظر إلى قلة أحدها فتل عنقه حتى يراها بشدة، ومنها ما لا يقدر أحد أن يراه ولا يصعده، ولا يكاد القتام يفارقها، يعرفها من رآها من حيث يراها، لأنها لا مثل لها في الدنيا.
الأهمية الأثرية
توجد عدة مواقع تعود إلى العصر الحجري القديم الأوسط (45000 سنة إلى 150000 سنة) منها موقع طور صبحة وموقع طور فرج إلى الجنوب الشرقي من راس النقب في معان.[14] بينما تعج صحراء حسمى بالآثار والنقوش العربية القديمة وخصوصاً الآثار النبطيّة وما قبل النبطيّة. ومن المواقع الأثرية فيها يذكر موقع الحميمة الأثري ومواقع وادي رم في الأردن ومواقع جبل اللوز في السعودية. وللصحراء أهمية خاصة عند دارسي تطور اللغة العربية حيث هي الموقع الأول الذي تم في اكتشاف نقوش عرفت فيما بعد باللهجة الحسمائية وهي لهجة عربيّة شبيهة باللهجة النبطيّة وتمتاز بكونها أول كتابة عربية ترتبط فيها الحروف ببعضها[15] كما الخط الكوفي. ويشبه الحرف الحسمائي الحرف الصفائي إلا أنه متميز عنه بموقعه وتأريخه، واستخدم كثيرا في صحراء حسمى مع وجود آثار له شمالاً في صحراء المفرق.[16]
^Hammarström, Harald; Forkel, Robert; Haspelmath, Martin; Bank, Sebastian, eds. (2016). "Hismaic". غلوتولوغ. Jena: Max Planck Institute for the Science of Human History. نسخة محفوظة 07 نوفمبر 2017 على موقع واي باك مشين.