الحافظ شمس الدين أبو الخير محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر بن عثمان بن محمد السخاوي –نسبة إلى سخا شمال مصر– الشافعي المذهب نزيل الحرمين الشريفين[1](831 هـ الموافق 1427 أو 1428 - 902 هـ) هو مؤرخ كبير وعالم حديث وتفسيروأدب شهير من أعلام مؤرخي عصر المماليك. ولد وعاش في القاهرة، ومات بالمدينة المنورة سافر في البلدان سفراً طويلاً وصنف أكثر من مائتي كتاب أشهرها الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع ترجم نفسه فيه بثلاثين صفحة.
بدايةً؛ أرسله أبوه إلى المؤَدِّب الشَّرف عيسى بن أحمد المقسي الناسخ فأقام عنده فترة قصيرة، ثم نقله أبوه إلى زوج أخته الفقيه الصالح البدر حسين بن أحمد الأزهري أحد أصحاب الشيخ يوسف الصَّفِيِّ المالكي فقرأ عنده القرآن.
بعدها بفترة، توجه به أبوه إلى الفقيه الشيخ الشمس محمد بن أحمد النحريري السعودي الضرير[2]– مؤدب البرهان بن خَضِر والجلال بن الملقِّن وابن أسد وغيرهم من العلماء الكبار في هذا العصر لاستكمال تعلم القرآن وعلوم تجويده، وحفظ منه فوائد ونوادر في الأدب، وقرأ عليه بعض الحديث، وبعدها انتقل بأمر من السعودي الضرير إلى الشيخ الشهاب بن أسد[3] فحفظ عنده كتاب عمدة الأحكام للحافظ عبد الغني المقدسي، وكتاب التنبيه – ألفه عم السخاوي -، وكتاب المنهاج الأصليوألفيةابن مالك وكتاب النخبة، وكذلك قرأ عليه القرآن بقراءة أبي عمرو وابن كثير المقرئ، وكذلك تدرب على القراءة والمطالعة، حتى صار يشارك غالب من يتردد عليه في فهم القرآنوالفقه وغيره.
كانت من عادة السخاوي أنه كلما حفظ كتاباً عرضه على شيوخ عصره لكن لم يأخذ عنهم؛ ومنهم:
بعدها حفظ ألفية العراقي وكتاب شرح النخبة وغالب كتاب الشاطبية وبعض كتاب جامع المختصرات، ومقدمة الساوي في العروض وكتباً أخرى كثيرة لم يكمل حفظها.
بعد ذلك قرأ بعض القرآن علي الشيخ النور البلبيسي – نسبة لبلبيس - إمام الأزهر، وقرأ على الشيخ الزين عبد الغني الهيثمي على رواية ابن كثير، وسمع كثيراً من الروايات السبعةوالعشرة على الشيخ الزين رضوان العُقْبِي، والشيخ الشهاب السكندري وغيره من مشايخ هذا العصر. بل يقول السخاوي إنه سمع الفاتحة وبداية سورة البقرة على شيخه بقراءة ابن أسد وجعفر السنهوري وغيرهما من مشايخ القراءات في هذا العصر.
حفظ القرآن وهو صغير، ثم حج في سنة خمس وثمانين، وجاور سنة ست وسبع وأقام منهما ثلاثة أشهر بالمدينة المنورة. ثم حج سنة اثنين وتسعين وجاور سنة ثلاث وأربع ثم حج سنة ست وتسعين وجاور إلى أثناء سنة ثمان وتوجه إلى المدينة فأقام بها أشهراً وصام رمضان بها ثم عاد في شوال إلى مكة وأقام بها مدة ثم رجع إلى المدينة وجاور بها حتى مات سنة اثنتين وتسعمائة يوم الأحد الثامن والعشرين من شعبان ودفن بالبقيع بجوار مشهد الإمام مالك.
سمع السخاوي الكثير عن أستاذه وشيخه الحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفى 852 هـ. وقد لازمه أشد الملازمة وحمل عنه ما لم يشاركه فيه غيره، وأخذ عنه أكثر تصانيفه وقال عنه هو أمثل جماعتي.
مؤلفاته
ترك السخاوي تراثاً علمياً ناصعاً في الحديث والتاريخ، منه -
التبر المسبوك في ذيل السلوك، جعله تتمة لكتاب السلوك للمقريزي
بغية العلماء والرواة في أخبار القضاة (ذيل رفع الإصر لابن حجر العسقلاني). كتاب ألفه شمس الدين السخاوي. وهو مؤلف في ترجمة كبار القضاة (قضاة القضاة) في مصر ، رتبه مؤلفه على مقدمة، وخاتمة، حصرتا فيما بينهما إحدى وخمسين ترجمة، متفاوتة في الطول والقصر كماً وكيفاً.