وُلدت صَفِيَّةَ بِنْت عَبْد الْمُطَّلِبِ في مكة، قبل الهجرة بثلاثة وخمسين عامًا،[1] نشأت في بيت والدها عبد المطلب بن هاشم الذي كان من سادات قريش وكانت له الرئاسة في قومه، وكان في قومه شريفًا وشاعرًا، ولم يدرك الإسلام.[13]
ولما حضرت عبد المطلب الوفاة، وعرف أنه ميت جمع بناته، وكن ست نسوة: صفية، وبرة، وعاتكة، وأم حكيم البيضاء، وأميمة، وأروى، فقال لهن: «ابْكِينَ عَلَيَّ حَتَّى أَسْمَعَ مَا تَقُلْنَ قَبْلَ أَنْ أَمُوتَ». فَقَالَت صفيّة بنت عَبْدِ الْمُطَّلِبِ تَبْكِي أَبَاهَا:[14]
أسلمت صفيّة، وبايعت رسول الله،[4][5] وقال الذهبي: «وَمَا أَعْلَمُ هَلْ أَسْلَمَتْ مَعَ حَمْزَةَ أَخِيْهَا، أَوْ مَعَ الزُّبَيْرِ وَلَدِهَا»،[25] وهي من عمات النبي محمد التي لم يُختلف في إسلامها ولكن اختلف في إسلام عاتكة، وأروى.[26][27] قال ابن الأثير الجزري في كتابه «أسد الغابة»: «واختلف في عاتكة وأروى، والصحيح أنه لم يسلم غيرها».[12]
أمر النبي أتباعه بالهجرة إلى المدينة المنورة حوالي سنة 622م بعدما أتاه وفد من أهلها وعاهدوه على الأمان ودعوه إلى الهجرة إلى مدينتهم وكان قد آمن بدعوته أغلب أبنائها. فهاجرت صفية بنت عبد المطلب من مكة إلى المدينة المنورة، وقال الذهبي: «وَهِيَ مِنَ المُهَاجِرَاتِ الأُوَلِ»،[25] وقال ابن حجر العسقلاني: «هاجرت مع ولدها الزبير»،[31] وجاء في كتاب «صحابيات حول الرسول» أن صفية «هاجرت مع أخيها حمزة وابنها الزبير بن العوام».[6]
مشاركتها في الغزوات
جاء في كتاب «صحابيات حول الرسول» أن صفية «شهدت مع رسول الله ﷺ المشاهد كلها».[6]
شاركت صفية في غزوة أحد، فكانت تنقل الماء، وتروي العطشى، وتبرى السهام، وتصلح القسي،[32] وبعدما انتهت موقعة أُحد، واستُشهِد أخوها حمزة بن عبد المطّلب ومُثِّل به، أقبلت صفيّة، فقال النبيّ لابنها الزبير: «رُدَّها؛ لئلاّ ترى ما بأخيها حمزة»، فلَقِيَها ابنُها الزبير فأعلَمَها بأمر النبيّ، فقالت: «بلغني أنّه مُثِّل بأخي، وذلك في الله قليل، فما أرضانا بما كان من ذلك، لأحتَسِبَنّ ولأصبِرَنّ». فأعلمَ الزبيرُ رسولَ الله بذلك، فقال: «خلِّ سبيلها»، فأتته وصلّت عليه واسترجَعَت، فأمر رسول الله به فدُفن.[33]
شاركت صفية في غزوة الخندق، وقتلت فيها يهودًيا، وأخرج ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَوابْنُ مَنْدَه من رواية أم عُروة بنت جعفر بن الزبير، عن أبيها، عن جدتها صفية: «أنَّ رسول اللهﷺ لما خرج إلى الخندق جعل نساءَه في أُطْم
[هامش 2] يقال له فارع، وجعل معهن حسان بن ثابت؛ قال: فجاء إنسان من اليهود فرقى في الحِصْن، حتى أطلّ علينا، فقلت لحسان: قُمْ فاقتله، فقال: لو كان ذلك فيَّ كنْتُ مع رسول الله ﷺ. قالت صفية: فقمتُ إليه فضربتهُ حتى قطعت رأسه، وقلت لحسان: قُم فاطرح رأسه على اليهود، وهم أسفل الحِصْن؛ فقال: والله ما ذاك. قالت: فأخذت رأسه فرميتُ به عليهم، فقالوا: قد علمنا أنّ هذا لم يكن ليتركَ أهله خلوفًا ليس معهم أحد، فتفرقوا.».
وذكره ابْنُ إِسْحَاقَ في رواية يونس بن بكير، عن أبيه، عن يحيى بن عباد بن عبد الله ابن الزبير، عن أبيه، قال: «كانت صفية في فارع... القصة». وفيها: «اعتجرتُ[هامش 3] وأخذتُ عمودًا، ونزلتُ من الحصن إليه فضربْتُه بالعمود حتى قتلته». وزاد يُونُسُ عن هشام عن عروة [بن الزبير] عن أبيه عن صفية؛ قال نحوه، وزاد: «وهي أولُ امرأة قتلَتْ رجلًا من المشركين».
أخرج ابْنُ سَعْدٍ، عن أبي أسامة، عن هشام، عن أبيه [عروة بن الزبير]: «كان النبي ﷺ إذا خرج لقتال عدوّه رفع نساءه في أُطم حسان، لأنه كان من أحْصَن الآطام، فتخلّف حسان في الخندق، فجاء يهوديٌّ فلصق بالأطم ليسمع، فقالت صفية لحسان: انزل إليه فاقتله، فكأنه هاب ذلك، فأخذت عمودًا فنزلت إليه حتى فتحت البابَ قليلًا قليلًا، فحملت عليه فضربته بالعمود فقتلته».[31]
تُوفِّيت صفية في خلافة عمر بن الخطّاب سنة 20 هـ، المُوافق للعام 640/641م، وعُمْرها ثلاثٌ وسبعون سنة، وصلى عليها عمر بن الخطاب، ودُفنت بالبُقِيع بفناء دار المغيرة بن شعبة.[5][6] وفي رواية أنها تُوفيت في خلافة عثمان بن عفان،[1] حيث ذكر البخاري في كتابه «التاريخ الأوسط»: «حَدثنِي مُحَمَّد بن حَرْب ثَنَا أَبُو مَرْوَان يحيى بْن أبي زَكَرِيَّا الغساني عَن هِشَام بْن عُرْوَة قَالَ كَانَ للنَّبِي ﷺ سِتّ عمات لم تسلم مِنْهُنَّ غير صَفِيَّة وَتوفيت فِي إِمَارَة عُثْمَان».[44]
فضائلها ومناقبها
ذكر محمد بن حبيب البغدادي في كتاب «المحبر» أن من فضائلها أنه كان يدخل عليها اثنا عشر بدريًا من محارمها، وهم:[45][46]
^الاعتجار: ليُّ الثوب على الرأس من غير إدارةٍ تحت الحنك، والاعتجار لف العمامة دون التلحي، والاعتجِار بالعمامة: أن يلفها على رأسه ويرد طرفها على وجهه ولايعمل منها شيئًا تحت ذقنه. (لسان العرب، مادة عجر، ج4، ص544)
مراجع
فهرس المراجع
^ ابجسيرة صفية بنت عبد المطلب لجميل إبراهيم حبيب، ص21.
الدمشقي، ابن كثير؛ تحقيقُ: عبد الله بن عبد المحسن التركي (1424هـ / 2003م). البداية والنهاية (ط. الأولى). دار هجر للطباعة والنشر والتوزيع والإعلان. مؤرشف من الأصل في 2021-04-15. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ النشر= (مساعدة)
عبد الملك بن هشام؛ تحقيقُ: مصطفى السقا وإبراهيم الأبياري وعبد الحفيظ الشلبي (1375هـ - 1955 م). سيرة ابن هشام (ط. الثانية). شركة مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر. مؤرشف من الأصل في 2021-05-20. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ النشر= (مساعدة)
الذهبي، شمس الدين؛ تحقيقُ: مجموعة من المحققين بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط (1405 هـ / 1985 م). سير أعلام النبلاء (ط. الثالثة). مؤسسة الرسالة. مؤرشف من الأصل في 2021-04-24. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ النشر= (مساعدة)
مسلم بن الحجاج؛ تحقيقُ: محمد فؤاد عبد الباقي. صحيح مسلم. بيروت: دار إحياء التراث العربي. مؤرشف من الأصل في 2021-01-23.
الشيخ الصدوق؛ قدّم له: الشيخ حسين الأعلمي (2009 م - 1430 هـ). أمالي الصدوق (ط. الأولى). بيروت - لبنان: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات. مؤرشف من الأصل في 2021-05-19. {{استشهاد بكتاب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ النشر= (مساعدة)